غِزلان العراق
فَتَكَتْ بِغِزْلانِ الْعِرَاْقِ ذِئَاْبُ
وَتَآمَرَ الأَعْجَاْمُ؛ وَالأَعْرَاْبُ
وَتَحَكَّمَتْ بِالْمُؤْمِنِيْنَ عِصَاْبَةٌ
هَمَجِيَّةٌ؛ وَزَعِيْمُهَاْ نَصَّاْبُ
وَرَمَتْ قَنَاْبِلَ حِقْدِهَاْ وَتَحَاْقَرَتْ
لَمَّا انْحَنَتْ مِنْ ذُلِّهَا الأَذْنَاْبُ
وَتَزَلَّفَ الأَنْذَاْلُ لِلأَعْدَاْ كَمَاْ
رَقَصَتْ لَهُمْ فَوْقَ الْقُبُوْرِ قِحَاْبُ
وَالنَّاْسُ تَعْجَبُ مِنْ تَدَهْوُرِ دَوْلَةٍ
مَأْمُوْرُهَاْ بِأَمِيْرِهَاْ يَرْتَاْبُ
وَالأُمُّ تَبْكِيْ زَوْجَهَاْ، وَصِغَاْرَهَاْ
وَتَقُوْلُ: أَيْنَ تَفَرَّقَ الأَحْبَاْبُ
يَاْ وَيْلَتَاْهُ!! الْغَدْرُ صَاْرَ سِيَاْسَةً
لِلظُّلْمِ فِيْهَاْ أَبْحُرٌ؛ وَعُبَاْبُ
وَلِكُلِّ لِصٍّ زُمْرَةٌ وَعِصَاْبَةٌ
مَرْذُوْلَةٌ غَصَّتْ بِهَا الأَبْوَاْبُ
تَغْتَاْلُ أَبْنَاْءَ الْعِرَاْقِ لأَنَّهُمْ
صَمَدُوْا، فَهَاْجَ اللِّصُ؛ وَالْعَرَّاْبُ
وَبَكَتْ عَلَيْهِمْ مَاْجِدَاْتُ بِلاْدِهِمْ
وَبَكَى الرِّجَاْلُ الصِّيْدُ؛ وَالأَصْحَاْبُ
وَبَكَتْ سُهُوْلُ الرَّاْفِدَيْنِ، وَأَنْهُرٌ
فَيَّاْضَةٌ، وَجَدَاْوِلٌ، وَهِضَاْبُ
أُمُّ الْحَضَاْرَةِ أُغْرِقَتْ بِدُمُوْعِهَاْ
فَاسْتَنْفَرَ الشُّعَرَاْءُ؛ وَالْكُتَّاْبُ
وَتَجَسَّدَتْ أَحْزَاْنُهُمْ بِقَصَاْئِدٍ
تُحْنَىْ لَهَاْ? دُوْنَ الْقَرِيْضِ - رِقَاْبُ
وَالدَّمْعُ يُسْكَبُ مِنْ مَحَاْجِرِ أُمَّةٍ
تَبْكِيْ عَلَىْ أَمْجَاْدِهَا الآدَاْبُ
تَبْكِي الْعُرُوْبَةَ؛ وَالتَّمَدُّنَ بَعْدَمَاْ
دَرَسَتْ؛ وَحَلَّ مَحَلَّهَا الإِرْهَاْبُ
وَأَتَىْ بِهِ بُوْشُ الْلَئِيْمُ وَاِبْنُهُ
وَبِطَاْنَةٌ مَنْبُوْذَةٌ، وَكِلاْبُ
فَطَغَىْ عَلَىْ أَرْضِ الْعِرَاْقِ تَذَبْذُبٌ
وَتَحَاْلُفٌ وَتَآمُرٌ وَخَرَاْبُ
وَالْحِقْدُ شَنَّ عَلَى الْعِرَاْقِ حُرُوْبَهُ
فَالأَرْضُ قَفْرٌ، وَالْقُصُوْرُ يَبَاْبُ
وَالْحَرْبُ صَاْرَتْ فِي الْعِرَاْقِ تِجَاْرَةً
بِالنَّفْطِ يَسْتَوْلِيْ عَلَيْهِ ذُبَاْبُ
حَرْبٌ تُضَرِّجُ بِالدِّمَاْءِ بِلاْدَنَاْ
وَتُسَاْقُ فِيْ تَبْرِيْرِهَا الأَسْبَاْبُ
وَتُسَطَّرُ الصَّفَحَاْتُ فِيْ حَسَنَاْتِهَاْ
جَهْراً؛ وَيَكْذِبُ كَاْتِبٌ كَذَّاْبُ
وَتَبُثُّ أَقْنِيَةُ الْفَضَاْءِ نِفَاْقَهُ
حَتَّىْ يُبَرَّرَ لِلْعِرَاْقِ عِقَاْبُ
وَالْوَغْدُ تَحْرُسُهُ جُيُوْشُ عَدُوِّنَاْ
وَبِأَهْلِهِ؛ وَبِأَهْلِنَاْ تَرْتَاْبُ
عَرَفَتْ جِنَاْيِتَهَاْ؛ فَخَاْفَتْ نِقْمَةً
وَطَنِيَّةً يَحْلُوْ بِهَا الإِغْضَاْبُ
وَتَأَكَّدَتْ أَنَّ الْبِلاْدَ عَصِيَّةٌ
وَعَزِيْزَةٌ تُرْعَىْ بِهَا الأَنْسَاْبُ
وَالْخَاْئِنُوْنَ حُثَاْلَةٌ مَنْفِيَّةٌ
وَحَلِيْفُهُمْ فِي الْخَاْفِقَيْنِ سَرَاْبُ
جَاْؤُوْا مِنَ الْبَاْرَاْتِ جَرْياً بَعْدَمَاْ
شَرِبُوْا وَأَلْوَىْ بِالرُّؤُوْسِ شَرَاْبُ
شَرِبُوْا كُؤُوْسَ بِلادِهِمْ فِيْ حَاْنَةٍ
وَتَنَصَّبَ الْوُزَرَاْءُ؛ وَالنُّوَاْبُ
فَإِذَا الْوزَاْرَةُ مَسْرَحٌ مُتَخَلِّفٌ
وَمُزَوَّرٌ، والتِّبْرُ فِيْهِ تُرَاْبُ
وَالْقَاْئِدُ الْمَوْعُوْدُ مِنْهُمْ دُمْيَةٌ
تَطْغَىْ عَلَيْهَاْ صِبْغَةٌ؛ وَخِضَاْبُ
وَإِذَاْ سَأَلْتَ عَنِ الْعِرَاْقِ؛ وَأَهْلِهِ
يَأْتِيْكَ مِنْ خَلْفِ الْبِحَاْرِ جَوَاْبُ
مِنْ لَنْدُنَ الدَّهْيَاْءِ؛ أَوْ وَاْشُنْطُنٍ
بِالسِّرِّ حَيْثُ تُدَجَّنُ الأَقْطَاْبُ
فَهُنَاْكَ تُصْنَعُ لِلرِّجَاْلِ أَسَاْوِرٌ
وَخَلاْخِلٌ؛ وَمَشَاْنِقٌ؛ وَرِكَاْبُ
وَهُنَاْكَ لِلْجَاْسُوْسِ أَوْسَعُ مَسْرَحٍ
وَهُنَاْكَ لِلْوَغْدِ الْعَمِيْلِ نِقَاْبُ
وَهُنَاْكَ لِلإِعْلاْمِ سُوْقُ دَعَاْرَةٍ
وَهُنَاْلِكَ الإِيْجَاْزُ؛ وَالإِطْنَاْبُ
وَهُنَاْكَ لِلْعُرْبِ الْكِرَاْمِ مَقَاْبِرٌ
فِيْهَاْ كُهُوْلُ عُرُوْبَةٍ؛ وَشَبَاْبُ
شعر الدكتور السوري محمود السيد الدغيم - لندن |